كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله تعالى: {من يستمع} وحد الضمير في الفعل حملا على لفظ {من} وما جاء منه على لفظ الجمع، فعلى معنى {من} نحو: {من يستمعون} و{من يغوصون له} {أن يفقهوه} مفعول من أجله: أي كراهة أن يفقهوه، و{وقرا} معطوف على أكنة، ولا يعد الفصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف فصلا لأن الظرف أحد المفاعيل، فيجوز تقديمه وتأخيره، ووحد الوقر هنا لأنه مصدر، وقد استوفى القول فيه في أول البقرة {حتى إذا} إذا في موضع نصب بجوابها، وهو يقول:
وليس لحتى هنا عمل وإنما أفادت معنى الغاية كما لاتعمل في الجمل، و{يجادلونك} حال من ضمير الفاعل في جاءوك.
والأساطير جمع.
واختلف في واحده، فقيل هو أسطورة، وقيل واحدها إسطار، والأسطار جمع سطر بتحريك الطاء، فيكون أساطير جمع الجمع، فأما سطر بسكون الطاء فجمعه سطور وأسطر.
قوله تعالى: {وينأون} يقرأ بسكون النون، وتحقيق الهمزة وبإلقاء حركة الهمزة على النون وحذفها فيصير اللفظ بها ينون بفتح النون وواو ساكنة بعدها، و{أنفسهم} مفعول يهلكون.
قوله تعالى: {ولو ترى} جواب {لو} محذوف تقديره: لشاهدت أمرا عظيما ووقف متعد، وأوقف لغة ضعيفة، والقرآن جاء بحذف الألف، ومنه وقفوا فبناؤه لما لم يسم فاعله ومنه وقفوهم {ولا نكذب} {ونكون} يقرآن بالرفع.
وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على نرد، فيكون عدم التكذيب والكون من المؤمنين متمنين أيضا كالرد، والثانى أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أي ونحن لانكذب، وفى المعنى وجهان: أحدهما أنه متمنى أيضا، فيكون في موضع نصب على الحال من الضمير في نرد.
والثانى أن يكون المعنى أنهم ضمنوا أن لايكذبوا بعد الرد، فلا يكون للجملة موضع.
ويقرآن بالنصب على أنه جواب التمنى، فلا يكون داخلا في التمنى، والواو في هذا كالفاء.
ومن القراء من رفع الأول ونصب الثاني، ومنهم من عكس، ووجه كل واحدة منهما على ما تقدم.
قوله تعالى: {إن هي إلا} هي كناية عن الحياة، ويجوز أن يكون ضمير القصة.
قوله تعالى: {وقفوا على ربهم} أي على سؤال ربهم، أو على ملك ربهم.
قوله تعالى: {بغتة} مصدر في موضع الحال: أي باغتة، وقيل هو مصدر لفعل محذوف، أي تبغتهم بغتة وقيل هو مصدر بجاءتهم من غير لفظه {يا حسرتنا} نداء الحسرة والويل على المجاز، والتقدير: يا حسرة احضرى فهذا أوانك، والمعنى تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة، و{على} متعلقة بالحسرة، والضمير في {فيها} يعود على الساعة، والتقدير: في عمل الساعة، وقيل يعود على الأعمال، ولم يجر لها صريح ذكر، ولكن في الكلام دليل عليها {ألا ساء ما يزرون} ساء بمعنى بئس، وقد تقدم إعرابه في مواضع.
ويجوز أن تكون ساء على بابها ويكون المفعول محذوفا، ومامصدرية أو بمعنى الذي أو نكرة موصوفة، وهى في كل ذلك فاعل ساء، والتقدير: ألا ساءهم وزرهم.
قوله تعالى: {وللدار الآخرة} يقرأ بالألف واللام، ورفع الآخرة على الصفة والخبر {خير} ويقرأ {ولدار الآخرة} على الإضافة: إى دار الساعة الآخرة، وليست الدار مضافة إلى صفتها لأن الصفة هي الموصوف في المعنى، والشئ لا يضاف إلى نفسه، وقد أجازه الكوفيون.
قوله تعالى: {قد نعلم} أي قد علمنا، فالمستقبل بمعنى الماضي {لا يكذبونك} يقرأ بالتشديد على معنى لا ينسبونك إلى الكذب، أي قبل دعواك النبوة، بل كانوا يعرفونه بالأمانة والصدق، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان: أحدهما هو في معنى المشدد، يقال أكذبته وكذبته إذا نسبته إلى الكذب.
والثانى لايجدونك كذبا يقال: أكذبته إذا أصبته، كذلك كقولك: أحمدته إذا أصبته محمودا {بآيات الله} الباء تتعلق ب {يجحدون} وقيل تتعلق بالظالمين كقوله تعالى: {وآيتنا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها}.
قوله تعالى: {من قبلك} لا يجوز أن يكون صفة لرسل لأنه زمان، والجثة لاتوصف بالزمان وإنما هي متعلقة بكذبت {وأوذوا} يجوز أن يكون معطوفا على كذبوا، فتكون {حتى} متعلقة بصبروا، ويجوز أن يكون الوقف تم على كذبوا، ثم أستأنف فقال: وأوذوا، فتتعلق حتى به، والأول أقوى {ولقد جاءك} فاعل جاءك مضمر فيه، قيل المضمر المجئ، وقيل المضمر النبأء، ودل عليه ذكر الرسل لأن من ضرورة الرسل الرسالة وهى نبأء، وعلى كلا الوجهين يكون {من نبإ المرسلين} حالا من ضمير الفاعل، والتقدير: من جنس نبأ المرسلين، وأجاز الأخفش أن تكون من زائدة والفاعل نبأ المرسلين وسيبويه لا يجيز زيادتها في الواجب ولايجوز عند الجميع أن تكون من صفة لمحذوف لأن الفاعل لا يحذف، وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصح أن يكون فاعلا لأن حرف الجر يعدى، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معد، ونبأ المرسلين بمعنى إنبائهم، ويدل على ذلك قوله تعالى: {نقص عليك من أنباء الرسل}.
قوله تعالى: {وإن كان كبر عليك} جواب إن هذه {فإن استطعت} فالشرط الثاني جواب الأول.
وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره: فافعل، وحذف لظهور معناه وطول الكلام {في الأرض} صفة لنفق، ويجوز أن يتعلق بتبتغى، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل: أي وأنت في الأرض، ومثله {في السماء}.
قوله تعالى: {والموتى يبعثهم الله} في الموتى وجهان: أحدهما هو في موضع نصب بفعل محذوف: أي ويبعث الله الموتى، وهذا أقوى لأنه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل.
والثانى أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر.
ويستجيب بمعنى يجيب.
قوله تعالى: {من ربه} يجوز أن يكون صفة لآية، وأن يتعلق بنزل.
قوله تعالى: {في الأرض} يجوز أن يكون في موضع جر صفة لدابة، وفى موضع رفع صفة لها أيضا على الموضع، لأن من زائدة {ولا طائر} معطوف على لفظ دابة وقرئ بالرفع على الموضع {بجناحيه} يجور أن تتعلق الباء بيطير، وأن تكون حالا وهو توكيد، وفيه رفع مجاز، لأن غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع {من شيء} {من} زائدة و{شيء} هنا واقع موقع المصدر: أي تفريطا، وعلى هذا التأويل لا يبقى في الآية حجة لمن ظن أن الكتاب يحتوى على ذكر كل شيء صريحا.
ونظير ذلك {لا يضركم كيدهم شيئا}: أي ضررا، وقد ذكرنا له نظائر، ولايجوز أن يكون شيئا مفعولا به، لأن فرطنا لا تتعدى بنفسها بل بحرف الجر، وقد عديت بفى إلى الكتاب فلا تتعدى بحرف اخر، ولا يصح أن يكون المعنى ما تركنا في الكتاب من شئ، لأن المعنى على خلافه، فبان أن التأويل ما ذكرنا.
قوله تعالى: {والذين كذبوا} مبتدأ، و{صم بكم} الخبر مثل حلو حامض والواو لا تمنع ذلك، ويجوز أن يكون صم خبر مبتدأ: محذوف تقديره: بعضهم صم وبعضهم بكم {في الظلمات} يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا من الضمير المقدر في الخبر، والتقدير: أي هم في الظلمات، ويجوز أن يكون في الظلمات خبر مبتدإ محذوف: أي هم في الظلمات، ويجوز أن يكون صفة لبكم: أي كائنون في الظلمات، ويجوز أن يكون ظرفا لصم أو بكم أو لما ينوب عنهما من الفعل {من يشإ الله} من في موضع مبتدإ، والجواب الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف، لأن التقدير: من يشإ الله إضلاله أو عذابه، فالمنصوب بيشأ من سبب {من} فيكون التقدير: من يعذب أو من يضلل.
ومثله ما بعده.
قوله تعالى: {قل أرأيتكم} يقرأ بإلقاء حركة الهمزة على اللام فتنفتح اللام وتحذف الهمزة، وهو قياس مطرد في القرآن وغيره، والغرض منه التخفيف.
ويقرأ بالتحقيق وهو الأصل، وأما الهمزة التي بعد الراء فتحقق على الأصل، وتلين للتخفيف وتحذف، وطريق ذلك أن تقلب ياء وتسكن ثم تحذف لالتقاء الساكنين قرب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل، فأما التاء فضمير الفاعل فإذا اتصلت بها الكاف التي للخطاب كانت بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث، وتختلف هذه المعاني على الكاف فتقول في الواحد أرأيتك، ومنه قوله تعالى: {أرأيتك هذا الذي كرمت على} وفى التثنية أرأيتكما، وفى الجمع المذكر أرأيتكم، وفى المؤنث أرأيتكن والتاء في جميع ذلك مفتوحة، والكاف حرف للخطاب وليست اسما، والدليل على ذلك أنها لو كانت اسما لكانت إما مجرورة وهو باطل إذ لاجار هنا، أو مرفوعة، وهو باطل أيضا لأمرين: أحدهما أن الكاف ليست من ضمائر المرفوع.
والثانى أنه لارافع لها، إذ ليست فاعلا لأن التاء فاعل، ولايكون لفعل واحد فاعلان، وإما أن تكون منصوبة، وذلك باطل لثلاثة أوجه: أحدها أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك: أرأيت زيدا ما فعل، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا، والثانى أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك، ولذلك قلت أرأيتك زيدا، وزيد غير المخاطب، ولاهو بدل منه، والثالث أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء، فكنت تقول: أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن.
وقد ذهب الفراء إلى أن الكاف اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع، وفيما ذكرناه إبطال لمذهبه.
فأما مفعول أرأيتكم في هذه الآية، فقال قوم هو محذوف دل الكلام عليه تقديره: أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعكم عند مجئ الساعة، ودل عليه قوله: {أغير الله تدعون} وقال آخرون: لا يحتاج هذا إلى مفعول لأن الشرط وجوابه قد حصل معنى المفعول، وأما جواب الشرط الذي هو قوله: {إن أتاكم عذاب الله} فما دل عليه الاستفهام في قوله: {أغير الله} تقديره: إن أتتكم الساعة دعوتم الله، وغير منصوب ب {تدعون}.
قوله تعالى: {بل إياه} هو مفعول {تدعون} الذي بعده {إليه} يجوز أن يتعلق بتدعون، وأن يتعلق بيكشف: أي يرفعه إليه، و{ما} بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، وليست مصدرية إلا أن تجعلها مصدرا بمعنى المفعول.
قوله تعالى: {بالبأساء والضراء} فعلاء فيهما مؤنث لم يستعمل منه مذكر لم يقولوا بأس وبأساء وضر وضراء كما قالوا أحمر وحمراء.
قوله تعالى: {فلولا إذ} {إذ} في موضع نصب ظرف ل {تضرعوا} أي فلولا تضرعوا إذ {ولكن} استدراك على المعنى: أي ماتضرعوا ولكن.
قوله تعالى: {بغتة} مصدرية في موضع الحال من الفاعل: أي مباغتين أو من المفعولين: أي مبغوتين، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى لأن أخذناهم بمعنى بغتناهم {فإذا هم} إذا هنا للمفاجأة، وهى ظرف مكان وهم مبتدأ، و{مبلسون} خبره، وهو العامل في إذا.
قوله تعالى: {إن أخذ الله سمعكم} قد ذكرنا الوجه في إفراد السمع مع جمع الأبصار والقلوب في أول البقرة {من} استفهام في موضع رفع بالابتداء، و{إله} خبره و{غير الله} صفة الخبر، و{يأتيكم} في موضع الصفة أيضا، والاستفهام هنا بمعنى الإنكار، والهاء في {به} تعود على السمع لأنه المذكور أولا، وقيل تعود على معنى المأخوذ والمحتوم عليه، فلذلك أفرد {كيف} حال، والعامل فيها {نصرف}.
قوله تعالى: {هل يهلك} الاستفهام هنا بمعنى التقرير، فلذلك ناب عن جواب الشرط: أي إن أتاكم هلكتم.
قوله تعالى: {مبشرين ومنذرين} حالان من المرسلين {فمن آمن} يجوز أن يكون شرطا وأن يكون بمعنى الذي وهى مبتدأ في الحالين، وقد سبق القول على نظائره.
قوله تعالى: {بما كانوا يفسقون} ما مصدرية: أي بفسقهم، وقد ذكر في أوائل البقرة، ويقرأ بضم السين وكسرها وهما لغتان.
قوله تعالى: {بالغداة} أصلها غدوة، فقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وهى نكرة.
ويقرأ {بالغدوة} بضم الغين وسكون الدال وواو بعدها، وقد عرفها بالألف واللام وأكثر ما تستعمل معرفة علما، وقد عرفها هنا بالألف واللام.
وأما {العشى} فقيل هو مفرد، وقيل هو جمع عشية و{يريدون} حال {من شيء} {من} زائدة وموضعها رفع بالابتداء، وعليك الخبر.
ومن حسابهم صفة لشيء قدم عليه فصار حالا، وكذلك الذي بعده إلا أنه قدم من حسابك على عليهم، ويجوز أن يكون الخبر من حسابهم، وعليك صفة لشيء مقدمة عليه {فتطردهم} جواب لما النافية فلذلك نصب {فتكون} جواب النهى وهو {لا تطرد}.
قوله تعالى: {ليقولوا} اللام متعلقة بفتنا: أي اختبرناهم ليقولوا فنعاقبهم بقولهم، ويجوز أن تكون لام العاقبة، و{هؤلاء} مبتدأ، و{من الله عليهم} الخبر، والجملة في موضع نصب بالقول، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف فسره ما بعده تقديره: أخص هؤلاء أو فضل، و{من} متعلقة بمن:
أي ميزهم علينا، ويجوز أن تكون حالا: أي من عليهم منفردين، {بالشاكرين}.
يتعلق بأعلم لأنه ظرف، والظرف يعمل فيه معنى الفعل بخلاف المفعول، فإن أفعل لا يعمل فيه.
قوله تعالى: {وإذا جاءك} العامل في إذا معنى الجواب: أي إذا جاءك سلم عليهم، و{سلام} مبتدأ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من معنى الفعل {كتب ربكم} الجملة محكية بعد القول أيضا {أنه من عمل} يقرأ بكسر إن وفتحها، ففى الكسر وجهان: أحدهما هي مستأنفة والكلام تام قبلها.
والثانى أنه حمل {كتب} على قال فكسرت إن بعده، وأما الفتح ففيه وجهان: أحدهما هو بدل من الرحمة: أي كتب أنه من عمل.
والثانى أنه مبتدأ وخبره محذوف: أي عليه أنه من عمل، ودل على ذلك ما قبله، والهاء ضمير الشأن، ومن بمعنى الذي أو شرط، وموضعها مبتدأ، و{منكم} في موضع الحال من ضمير الفاعل و{بجهالة} حال أيضا: أي جاهلا ويجوز أن يكون مفعولا به: أي بسبب الجهل، والهاء في {بعده} تعود على العمل أو على السوء {فإنه} يقرأ بالكسر وهو معطوف على أن الأولى، أو تكرير للأولى عند قوم، وعلى هذا خبر من محذوف دل عليه الكلام، ويجوز أن يكون العائد محذوفا: أي فإنه غفور له، وإذا جعلت {من} شرطا فالأمر كذلك، ويقرأ بالفتح وهو تكرير للأولى على قراءة من فتح الأولى أو بدل منها عند قوم.